قصائد برتولد بريخت السياسية

من قصائد برتولد بريخت 
ترجمة أحمد الحسّان – دار الفارابي – 1986


 


لي أعداء لذا لا بُد أن أكون شهيراً
***

حين أعود تحت قمر أقسى ,,, يا أصدقائي
سأعود في دبابة وأتحدث من خلال بندقية وأمحوكم ...
حيثما تمر دبابتي يكون شارع
ما تقول بندقيتي هو رأيي
ومن بين الجميع لن أبقي سوى على أخي
لكنني سألكمه على أنفه .
 ***

أعطوني مسدساً
وقالوا اقتل عدونا
وحين أطلقت على عدوهم
كان المقصود أخي
هناك يقف أخي
الجوع يوحدّنا
وأنا أسير , أسير
مع عدوه وعدوي
هكذا يحتضر الأن أخي
وأنا من يذبحه
لكنني أعرف أنه لو هزم
فسوف أضيع أنا .
 ***

الضعفاء لا يقاتلون
الأقوى منهم ربما قاتلوا ساعة
من هم أقوى يقاتلون سنين عديدة
لكن الأقوى يقاتلون طول عمرهم
وهؤلاء لا غنى عنهم
 ***

إذا قطب الرجل الذي لا غنى عنه
اهتزت امبراطوريتان
اذا مات الرجل الذي لا غنى عنه
تلفت العالم حوله كأمّ لا تملك لبناً لطفلها
إذا كان للرجل الذي لا غنى عنه أن يعود بعد أسبوع من وفاته
فلن يجد في طول البلاد وظيفة حمّال.
 ***

العمال يصيحون طلباً للخبز
التجار يصيحون طلباً للأسواق
كان العاطلون جوعى , والعاملون الآن جوعى
الأيدي التي كانت مضمومة صارت مشغولة مرة آخرى
إنها تصنع القذائف.
 ***

يُعد الحديث عن الطعام وضاعة , والحقيقة أنهم قد أكلوا فعلاً
لا بُد أن يرحل الوضعاء عن هذه الأرض دون أن يكونوا قد ذاقوا وجبة جيدة
ما لم يفكر الوضعاء فيما هو وضيع فلن يرتفعوا أبداً .
 ***
الذين يأخذون اللحم من المائدة يعلمون القناعة
الذين ينالون المزايا يطلبون التضحية
الذين يأكلون ملء بطونهم يحدثون الجوعى عن عصور رائعة قادمة.
الذين يقودون البلاد إلى الهاوية يصفون الحكم بأنه بالغ الصعوبة على الرجال العاديين.
 ***


حين أخبرني الجندي الأميركي
أن فتيات الطبقة المتوسطة الألمانيات حسنات التغذية
كان يمكن شراؤهن بالتبغ والشوكولاتة
لكن العاملات المسخرات الروسيات الجائعات لم يكن يمكن شراؤهن
شعرت بالفخر
 ***

في الداخل الموت بالطاعون
وفي الخارج الموت من البرد
فأين نمضي؟
 ***
وأرباب الأعمال  ... سادة الإحتكارت
يطلبون لصناعة الأسلحة  ... الحرية والديموقراطية
 ***
الدم والقاذورات في تحالف وثيق
طافت بربوعنا
تجشأت وتقيأت ونتنت وصاحت
الحرية والديموقراطية
 ***

  
رأيت القتلة ورأيت الضحايا
ولما كنت أفتقر إلى الشجاعة وليس التعاطف
راقبت القتلة ينتقون ضحاياهم
وصحت : أوافق من كل قلبي
أراهم قادمين , أرى مواكب السفاحين
وأودّ أن أصرخ : قفوا , ولأنني أعرف
أن الحراس يقفون وأيديهم فوق أذانهم
أسمع صوتي يقول : heli
من " موال الموافقة على العالم"
 ***
حين تبدأ الجرائم في التراكم تُصبح غير مرئية
حين تصبح العذابات غير محتملة لا تعودُ الصرخات تُسمع
الصرخات هي الأخرى تنهمر كمطر الصيف
 ***
إسم مدينتنا ستالينغراد
وعدو العالم سقط هنا
وأنتم حيث قابلتموه
اهزموه كما فعلنا
 ***
الوقت ليل
الأزواج ينامون في أسرّتهم , النساء الشابات ستلدن يتامى ...
 ***

حين يصل الأمر إلى التقدم لا يعرف كثيرون أن عدوهم يتقدم على رأسهم
فالصوت الذي يصدر لهم الأوامر هو صوت عدوهم
والرجل الذي يتحدث عن العدو هو العدو نفسه ...
 ***
أيها الجنرال , دبابتك قوية تسحق الغابات وتقتل مئة رجل
لكن بها عيباً واحداً أنها تحتاج إلى سائق ...
أيها الجنرال قاذفتك قوية , تطير أسرع من عاصفة وتحمل أكثر من فيل
لكن بها عيباً واحداً أنها تحتاج إلى ميكانيكي ...
أيها الجنرال , الإنسان مفيد جداً , يمكنه أن يطير ويمكنه أن يقتل
لكن به عيباً واحداً : إذ يمكنه أن يُفكر ...
 ***
يا أجيال الأزمان القادمة
كل ما يمكنني فعله الآن هو أن أقول لكم
ألا تطيعوا أمراً واحداً يأتي من أفواهنا المتعفنة
وألا تتبعوا نصيحة واحدة منا نحن الذين فشلنا هذا الفشل الذريع
بل قرروا بأنفسكم ما يناسبكم ويعينكم
على زرع الأرض التي أسلمناها للخراب
وعلى جعل المدن التي سممناها , أماكن تليق بحياة البشر.
 ***

حين يتحدث الزعماء عن السلام
يعرف العامة أن الحرب قادمة ...
حين يلعن الزعماء الحرب , يكون أمر التعبئة قد وُقع ...
 ***
من في القمة يقولون أن الحرب والسلام مختلفان جوهرياً
لكن سلامهم وحربهم مثل الريح والعاصفة ...
فالحرب تخرج من سلامهم كما يخرج الإبن من أمه ليحمل ملامحها البشعة ...
حربهم تقتل ما يكون سلامهم قد خلّفه ...
 ***
على الحائط كتابة بالطباشير :"هم يريدون الحرب"
ومن كتبها سقط صريعاً.
 ***
من في القمة يقولون : هذا طريق المجد
من في القاع يقولون : هذا طريق القبر
 ***
الحرب القادمة ليست الأولى , فقد سبقتها حروب أخرى
عندما إنتهت الحرب الأخيرة , كان هناك منتصرون ومهزومون
بين المهزومين جاعت عامة الشعب
وبين المنتصرين جاعت عامة الشعب أيضاً .
 ***

أسئلة عامل يقرأ
من بنى طيبة ذات البوابات السبع
في الكتب ستجد أسماء الملوك فهل حمل الملوك كتل الأحجار؟
وبابل التي دمرت مرات عديدة  من شيدّها كل هذه المرات؟
في أي منازل ليما المتلألئة بالذهب كان يعيش البناؤون ؟
أين ذهب البناة ليلة إكتمال سور الصين ؟
روما العظيمة مليئة بأقواس النصر فمن أقامها ؟
وعلى من إنتصر القياصرة ؟
ألم يكن في بيزنطة التي لهجت بثنائها الأغنيات سوى القصور ؟
حتى في أطلنطس الأسطورية , ليلة أن إبتلعها المحيط كان الغارقون ما زالوا ينادون عبيدهم .
الإسكندر غزا الهند , هل كان وحده ؟
والقيصر هزم الغال , ألم يكن بصحبته ولو طبّاخ ؟
كل صفحة إنتصار , فمن طبخ وليمة المنتصرين ؟
كل عشر سنوات رجل عظيم , من دفع مرتبّه ؟
  ***

هدهدات
يا بني يجب أن تنصت لأمك حين تخبرك أن الحياة التي تنتظرك ستكون أسوأ من وباء
لكن لا تظن أني أتيت بك إلى العالم بكل هذا العناء لتخضع له وبوداعة تطلب المزيد .
ما لا تملك لا تتخلى عنه أبداً وما لا يعطونك إنتزعه واحفظه
فأنا أمك لم ألدك وأطعمك لأراك تزحف ذات ليلة لتنام تحت الجسر
أنا لا أستطيع أن أمنحك نقوداً أو أركع بجوارك وأصلي
لكنني آمل ألا تراقب أسواق العمل وهي تقتطع حياتك تدريجياً
حين أتمددّ في الليل وأحدق مؤرقة , أستدير دائماً وأمسك بيدك
كيف أجعلك ترى الصدق خلال أكاذيبهم؟
وأنا أعرف أنك معدود في حروب قد خططوها .
أمك يا بني , لم تقل أبداً بأنك الإبن المرموق لابنة رجل مرموق
لكنها كذلك لم تنشئك بكل هذا الشقاء لتتدلى على السلم يوماً تصرخ طالباً الماء.
فابق إذن يا بني , ملتصقاً بقومك
وهكذا تنتشر قوتك كالتراب إلى كل الأرجاء
أنت يا بني وأنا وكل قومنا
لا بد أن نصمد معاً حتى لا تعود هناك
طبقتان متمايزتان تقتسمان كل البشرية
أنتم يا من بقيتم أحياء في مدن ماتت
لا تسيروا إلى الحرب كما في الماضي
كما لو أن الحروب الماضية لم تكفكم
أتوسلّ إليكم – رحمة بأنفسكم ...
أيها الرجال , تناولوا الجاروف وليس السكين
اليوم تجلسون آمنين تحت السقوف
تحت السقوف يحيا المرء أفضل ...
أيها الأطفال لتفلتوا من حرب أخرى
لا بد أن تصرحوا لأبائكم بوضوح
أنكم لن تعيشوا في خرائب مرة أخرى
ولن تقاسوا ما كان عليهم أن يُقاسوه ...
أيتها الأمهات لأن الكلمة كلمتكن
أن تؤيدن الحرب أو لا تؤيدنها
أتوسلّ إليكن , إخترن أن تدعن اطفالكن يحيون
ليكن الميلاد وليس الموت ما يشكرونكن عليه ...
 ***

صعوبة الحكم
الوزراء يحكون للشعب دائماً , عن صعوبة الحكم
فبدون الوزراء , ستنمو الذرة إلى الأرض وليس إلى أعلى
ولن تغادر المنجم حفنة فحم ,  لو لم يكن المستشار بهذه البراعة
وبدون وزير الزراعة لن تقبل فتاة بأن تحمل أبداً
وبدون وزير الحرب لن تكون حربٌ أبداً
ومن المشكوك فيه جداً أن تشرق الشنس في الصباح دون إذن ألفوهرر
وإذا فعلت ستكون في المكان الخطأ.
ونفس الصعوبة كما يقولون لنا في إدارة مصنع
فبدون المالك تنهار الحوائط وتصدأ الآلات هكذا يقولون.
حتى لو أمكن صنع محراث في مكان ما
 فلن يبلغ الحقل أبداً بدون الكلمات الذكية التي يكتبها مالك المصنع للفلاحين
فمن غيره سيخبرهم بوجود محاريث؟
وماذا سيحدث لقرية دون  المالك ؟
بالتاكيد سيحصدون الحنطة حيث غرسوا البطاطس .
لو كان الحكم سهلاً فلن تكون من حاجة إلى العقول الملهمة كعقل ألفوهرر
لو عرف العامل كيف يدير آلته
واستطاع الفلاح التمييز بين حقله ولوح العجين
فلن تكون من حاجة لمالك المصنع أو الأرض
فقط لأنهم جميعاً بالغو الحمق
فإنهم بحاجة إلى قلة بالغة البراعة.
أو هل يكون الأمر أن الحكم البالغ الصعوبة فقط
لأن  الخداع والإستغلال يتطلب بعض العلم؟
 ***






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صباح الخير يا جنوب !

ها قد أقبل علينا شهر الرحمة رمضان .