مؤسسات تربوية أم معاهد لصناعة المُعقدين والديكتاتوريين ؟



مؤسسات تربوية أم معاهد لصناعة المُعقدين والديكتاتوريين ؟

 


بينما تتطورّ مناهج التدريس في دول العالم كافّة , يستمر قطاع التعليم في العالم العربي في التراجع إلى الخلف , بدءاً من إستخدام أسلوب التلقين ( بحيث يكون الطالب مجرد وعاء يَسكُب فيه الأستاذ بعض المعلومات وعلى الطالب أن يحفظها  - دون فهم- إلى أن يحين موعد الإمتحانات) وليس نهايةً بأساليب التعامل الإستبدادية مع التلامذة .  وهكذا يتحول الطُلاب إلى ببغاوات تُكرر ما تسمعه وتحفظه دون إي إمكانية لنقاش الأفكار, وبالتالي لا يستطيع الجيل الجديد أن يصل إلى مرحلة متطورة من الوعي والإدراك العقلي للظواهر والمواضيع التي يدرسها ...

أما الطلاب الذين يريدون ممارسة حقهم في التفكير والنقاش , فيتعرضون للقمع الفكري وتكميم الأفواه , إن حاولوا مُجادلة الأستاذ فيما يقوله , وبهذه الطريقة يؤسس الأستاذ لجيل خانع ومُذنع لأي سلطة إستبدادية قد تحكمه ... فالأستاذ على حق , بالتالي الحاكم على حق, ومناقشة أفكاره وسياساته محظورة ...

كما يُلاحظ أن الكتب التي تُدرَسّ لا تحوي سوى وجة نظر واحدة , وهذا يُعدُ تزويراً للحقيقة وللواقع . وبالنتيجة يعتاد التلميذ على عدم تقبل أي وجهة نظر أخرى مخالفة لوجهة نظره , لأنه وحده يحمل الفكر الحقيقي وغيره على باطل .  إذاً نحنُ أمام ديكتاتوري جديد , ينتظر فقط فرصته للوصول إلى السلطة ليُمارس ما كان قد تعلمه في المدرسة ! 

إن معرفة كيفية تعامل إدارة المدرسة مع التلاميذ  تُفسر لنا "لماذا يتصرف معظم طلاب السنة الأولى في الجامعة بطريقة همجية ".  يشعُر هؤلاء بأنهم خرجوا من السجن إلى الحرية , فتراهم يُكثرون من حركات "الولدنة" التي كانوا ممنوعين من القيام بها في المدرسة. 

ما هو مُبرر الإدارة لمحاسبة الطُلاب بشكل صارم بسبب وضعهم "gel" على شعرهم ؟ 
وما هو مبُرر منعهم من إرتداء ملابس غير كحلية اللون ؟
 وما هو مُبرر منعهم من ممارسة حقهم في التفكير والإبداع بإسم "إحترام النظام" ؟ 
وما هو مُبرر شتم التلميذ أمام رفاقه على أقل خطأ يرتكبه ؟
وما هو مُبرر منع التلاميذ من الذهاب إلى الحمام عندما يحتاجون لذلك؟
ومن يتحمل مسؤولية إصابتهم بأمراض الكلى وإلتهابات المسالك البولية في هذه الحالة؟
وما مُبرر الصراخ على طفل في الخامسة من عمره لأنه شرب الماء دون إذن المعلمة ؟
والقائمة تطول ...


  والأسوأ من كل هذا , هو التعامل القاسي مع الاطفال الصغار ( مرحلة الروضات) , حيث تقوم المعلمات الجاهلات بشتم الطفل وتهديده "بتعليقه من عينيه" إن كررّ تصرُفاً معيناً, هذا يؤدي إلى أن يعيش الطفل الصغير في خوفٍ دائمٍ من معلمته التي تتحول بنظره إلى وحشٍ شيطانيٍّ ...

إن التعامل الإستبدادي مع الطُلاب , يؤدي إلى نشوء جيل مريض , مُعقد, إستبدادي , حاقد على نفسه , ضعيف الشخصية ,  يكره المختلفين عنه ويكره العلم والإبداع ...

هذه المدارس لم تعد مؤسسات تربوية , بل تحولت إلى مصنع للمعقدّين والإستبداديين, وطالما إستمرّ هذا الوضع , فعلينا ألا نحلم بتغيير مجتمعاتنا ودولنا نحو الأفضل ...





تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصائد برتولد بريخت السياسية

صباح الخير يا جنوب !

ها قد أقبل علينا شهر الرحمة رمضان .